اختر نفسك!

لابد من التفريق بين التملص من الحياة الاجتماعية وبين الاعتماد على الإمكانات والموارد الذاتية هما شيئان يختلفان تماماً عن بعضهما ويمكن الجمع بينهما، كونك ناجح/ـة وقوي/ـة ولك مواردك الشخصية لا يتعارض أبداً مع حياتك الاجتماعية مع كونك ابن/ـة مهتم/ـة وبار/ة بعائلتك، وزوج/ـة ودود/ة لزوجك، ووالد/ة مربي/ـة لأبنائك، وقريب/ـة واصل/ـة لرحمك، وصديق/ـة وفيّ/ـة لصُحبتك.

من غرس فكرة اختلاف طريق النجاح الشخصي عن الحياة الاجتماعية؟ من جعل حب الذات بمعنى الأنانية؟ إن التفكير بعائلتك ومحيطك وقيامك بمسؤولياتك تجاههم جزء منك ومن انجازاتك.

من جعل العائلة طريق، والنجاح والشهادات والسعادة والإنجازات طريق آخر؟، بالواقع هما طريق واحد حيث إن النجاح الاجتماعي نوع من أنواع النجاح في الحياة؛ أسرتك وصداقاتك وعلاقاتك الاجتماعية الناجحة وحبهم لك نجاح، تكوين أسرة والمحافظة على تماسكها وسعادتها وتربية الأبناء أيضاً نجاح، كما أن الحصول على التعليم وعمل المشاريع ومزاولة المهن والتقدم فيها كلها تحوي إنجازات ونوع للنجاح كذلك، وكلاهما لا يتعارض مع الآخر بل الجمع بين النجاح الاجتماعي والشخصي والموازنة بينهما هو المطلوب بل هو قمة النجاح والسعادة.

ثم منطقياً؛ هل حب الذات يتعارض مع الحياة الطبيعية مع محيطي؟ طبعاً لا إنما هي الأنانية التي تتعارض.

ووجهة نظري الشخصية -التي تحتمل الخطأ بالطبع- أن من يردد الكلمات السابقة (أحب نفسك – اختر نفسك ..الخ) أشخاص فشلوا في نجاح طريقهم الاجتماعي وربما يفتقدون مهارات التواصل والاتصال والتعامل ونتيجة لأنهم يصعب عليهم قول فشلت أو لم أعرف كيف أنجح في تعاملي اتجهوا لهذا الغطاء تحت مسمى إني أحب نفسي وفضلت حياتي واخترت ذاتي..إلخ.. وإلا فالواقع كلاهما طريق واحد: أن تكون لك إنجازاتك ومواردك الذاتية، مع أن يكون لك حياة اجتماعية تهتم/ي بها كلاهما طريق واحد لا يطغى أحدهما على الآخر والموازنة بينهما هي عين التميّز.

وألخص بنقاط:

  • نجاحك الاجتماعي جزء من نجاحك في الحياة وكلها تنتسب لإنجازاتك وكلها تضيف لك مشاعر إيجابية وأثر طيب.
  • ارتباطك مع عائلتك ومحيطك الاجتماعي لا يعني أبداً عرقلة إنجازاتك الشخصية بل هو جزء منها، وأيضا قد يكون محفز لها وداعم لها ومجرد إحسانك وبرك بعائلتك، وتعليمك وتهذيبك لأطفالك، يعد إنجازاً تقدمه لنفسك وللمجتمع وهو يتطلب تقديم وعطاء وبذل وجهد وسهر وهذا في كل البيوت سواء أظهروا ذلك أو أخفوه.
  • لا يوجد إنسان مستقل تماماً عن مجتمعه وناجح في نفس الوقت، العلاقات الاجتماعية والمهارات التواصلية مع المجتمع سواء العائلة والعمل والصداقات.. الخ عامل في صنع طريقك إن لم تكن الوقود لذلك، وأيضاً المحافظة عليها وكونها مصدر سعادة لك هذا بذاته نجاح يعجز الكثير عنه، الناجحون محاطون بحياة اجتماعية تطلبت منه وقد تعاون معهم وقدم لهم واهتم بهم، ومن ينظر للواقع نظراً فاحصاً سيلحظ ذلك.
  • روابطك الأسرية بعائلتك بوالديك وأخوتك وأخواتك هي روابط ربانية ورحم معلق بعرش الرحمن ولذلك لابد من المشورة والتفاهم والتكاتف هم معك وأنت معهم هم سندك وأنت سندهم هم أولى بك وأنت أولى بهم، سيحترم الكل ذلك نجاحك منهم ولهم ومنك ولك والعكس بالعكس، هم جزء لا يتجزأ منك والعكس كذلك، وإذا لم يحصل تفاهم بينك وبين أسرتك فالإقناع والمشورة والتواصل والحديث وشرح وفهم وجهات النظر والمحاولة مرة وأخرى للوصول للحل الوسط أو الاقتناع من أحد الأطراف لكن التهجم والتسلط ليس طريق سويّ لتعامل أفراد الأسرة مع بعضها.
  • يقولون وراء كل عظيمة امرأة نفسها وإن غابوا جميعاً تعود نفسها:) وأقول وراء كل ناجح أياً كان جنسه وعمره توفيق رب العالمين أولاً تم تركيزه وتحمله للمسؤوليات واهتمامه بما له من حق وبما عليه من واجبات تجاه نفسه ومجتمعه وأسرته، والكلام الإعلامي ليس ذا فرق عن كلام المجالس؛ فالأخير بغرض التسلية، والأول بغرض المادة ومآرب أخرى.

 

 

التعليقات مغلقة.