تجربتي في 24 ساعة بدون أجهزة

تجربة قضاء 24 ساعة في المنزل دون اتصال إنترنت ودون استخدام أي جهاز

بدأت يوم الأربعاء الساعة 8:20 م وانتهيت اليوم التالي الخميس الساعة 9:55م

 

في الساعة الأولى من التجربة كنت أجبر نفسي على الاستمرار دون متابعة أي جهاز وبعدها أخذت أجهزة الجوال ووضعتها مع الوالدة تحسباً لأي اتصال طارئ من أفراد العائلة حيث إن التواصل السريع والعاجل دائما يكون عن طريقي.

اتجهت لدولابي لمواجهة المآسي التي طالما تهربت منها رغم أنه مرتب إلا أن ما فيه يحتاج لفرز كامل فرأيت أنه هو ما سيمضي به الوقت وفعلاً قضيت قرابة ساعتين وأكثر بقليل أفرز ما احتاج وما لا أحتاج وما يحتاج لخياطة وما يحتاج لغسيل وما هو جاهز للاستعمال وفرزتها وأعدت تريبه.

انتقلت بعد ذلك لبقية الأدراج وبدأت بالفرز ولكن مللت وأبقيتها على أن أعود لفرزها في وقت لاحق.

ثم عدت لممارسة الأنشطة اليومية كالعبادة والقراءة والجلوس مع العائلة والنوم والرياضة.. إلخ، الذي حصل الآن أن الوقت زاد لكل واحدة من الأنشطة الطبيعية، زاد وقت النوم وزاد وقت الأسرة وزاد وقت القراءة …الخ.

وجدت وقتاً لتصفية الحسابات الشخصية في ذهني مع بعض الأشخاص، فقد بدأت أتذكر من أعرف خارج محيط الأسرة وبدأت بتحديد مكانة كل شخص وعملت تفكر وتصفية.

للأمانة تشاجرت مع بعضهم ذهنياً :) ثم اتخذت قرارات عدة بشأن التعامل معهم على أرض الواقع :)

لعبت مع الأطفال وتركت لهم مجالاً للعلب في أغراضي ورغم أني بالأخير قمت بطردهم لكني أعطيتهم وقتاً وهذا هو المهم :)

تأملت وضعي في الحياة وأعدت هيكلة بعض الأمور منها الناحية المادية والصحية بمناسبة زيادة الوزن -وهذا ليس بجديد :)- لكن المهم أني اتخذت قرارات لإصلاح ما مضى.

كتبت مقالاً باستخدام الورق والقلم ودخلت في مواجهة مع خطي الذي لم أره منذ زمن حيث إني أعتد على الكتابة الطويلة في الأجهزة بمعظم الحالات.

قرات نصف كتاب فمع زيادة الوقت قرأت قرابة 150 صفحة وحددت صفحات الاقتباس لأعود لالتقاطها لاحقاً.

طبخت.. وأخيراً تحسنت علاقتي مع الفرن –وطبعاً أصبت بحرق طفيف في يدي-، وحقيقة اكتشفت أن الأجهزة عائق شبه أساسي من تطوير علاقتي بالمطبخ، فالتدهور الحاصل بيني وبين الطبخ جزء كبير منه لنفاذ وقتي على التواصل -رغم أن كثير من الصور في جوالي هي لوصفات الطبخ التي سأعود لها لاحقا ولكن بالواقع لا أعود-.

لم أتمكن من الطلب من المطعم -حيث أني أطلب عن طريق التطبيقات والاتصال للتوصيل- ولذلك اتجهت للمطبخ مرة ثانية :) وأحسست بالجوع في اليوم التالي لأن سحوري كان خفيفاً :) ولكن زيادة وقت النوم خففت الموضوع.

بدأت أتأمل المنزل وما به -لأني فضيت- وحددت كل الخرابات الموجودة وربما هناك مشتريات وأعتقد أن الأسرة الآن في مأزق من هذا التأمل وأتوقع أنهم سيوفرون لي جهاز إضافي لأنشغل عنهم لأن المصاريف ستزيد مع التأملات وأنا في انقطاع عن الأجهزة :)

صنعت ديكورات رمضانية من مما هو متوفر وضعتها في صالة المنزل.

زاد تأملي بالأشخاص المحيطين بي وحضرّت لهم نقداً غير هادف بغرض استفزازهم والبدء في خلق مشاجرة ودية :) ولكن بالأخير تراجعت وتركتهم وبدأت بإغلاق الإضاءة في الأماكن الفارغة ولا أخفيكم بهذه اللحظات شعرت بشعور المتقاعدين :)

 بعد مرور 18ساعة شعرت بفقد الاتصال وأن هناك شيء مهم يفوتني وسيتبعثر العالم من دون اتصالي وأن هناك أمور تتعطل لأني لست موجودة على اتصال :)، ولكن بالأخير صرفت النظر لأنه لا شيء يتعطل بانقطاع 24 ساعة عن الاتصال بالتأكيد -باستثناء المطعم:)- ومضت الساعات الأخيرة من التجربة دون أي شعور بفقد الأجهزة وبالاستفادة من كل دقيقة فيها لدرجة أن مضت ساعة إضافية دون أن أشعر.

المضحك أن الجهاز عندما عاد للاتصال بالانترنت بدأ بالتحديث للتطبيقات والنظام كأنه كان بغيبوبة وكأنه انصدم مما حدث له :)

استفدت من هذه التجربة البسيطة:

  • أن 24 ساعة فيها بركة ووقت كافي للإنجاز في أي مجال إذا مضت هي أو جزء منها دون أجهزة واتصال.
  • أن الأجهزة تسرق الوقت من أوقات الحاجات والممارسات الطبيعية للإنسان (العبادة النوم الجلوس مع العائلة الرياضة …إلخ) ولاحظت الفرق في نفسي وراحتي حينما أخذت هذه الأمور حقها من الوقت فعلياً هناك فرق.
  • تمكنت خلالها من فرز ما أحتاجه بالاتصال بالأجهزة وما ليس بضروري وحددت الأوقات المسروقة مني بسبب الأجهزة والتواصل وفي طريقي لاستعادتها وأبرز وقت تأخذه هو وقت النوم حيث إني أمضي ما يقارب ساعة إلى ساعتين قبل النوم سواء الليلي أو ما بعد الفجر في تصفح الإنترنت ووسائل التواصل وهذا الوقت قد استفدت منه بإنجاز أمور متعددة بالإضافة إلى زيادة وقت النوم وأخذ كفايتي منه كذلك الأسرة وقتي معهم كان يتخلله متابعة وسائل التواصل أما أثناء التجربة قد كنت أتحدث وأستمع بتركيز كامل.
  • أن الأجهزة تسبب شيء الشعور بأن هناك أعمال كثيرة تنتظرني بينما عندما تخليت عنها قمت فعلاً بإنجاز الأعمال وخف الضغط الذي كنت أشعر به.

 

ما النتائج – ما الذي سأقوم به منذ اليوم-؟

  • أن يتم تكرار أن التجربة بين فترة وأخرى.
  • أن يتم التخلي عن الأجهزة عند وجود المهام وتركها في مكان آخر وإنجاز المهمة كاملة ثم العودة لها.
  • وضعت يدي على ما أسميته بـ “الأوقات المسروقة مني” وعرفت مواطنها والتطبيقات التي سرقتها ولذلك جاري فرض السيطرة على هذه الأوقات ومنع التطبيقات من أخذها مني عن طريق ترك الجهاز كلما تناولته يدي في وقت ليس وقته الأمر، ومبدئيا ليس باليسير ولكن كوني حددت الأوقات والتطبيقات وبدأت التنفيذ منذ هذه اللحظة فقد قطعت نصف المسافة.
  • أن يتم أولاً إعطاء الاحتياجات الأساسية في الحياة حقها كاملاً ثم تعطى وسائل التواصل الحق في النظر لها.

التعليقات مغلقة.